*We’ll have this page translated in English soon!
أيمن الرشيد
قام الكثير من المتفاعلين على صفحات التواصل الاجتماعي بالدفاع عن عضوي مجلس النواب الأمريكي إلهان عمر ورشيدة طليب بعدما قام رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترمب، باتهام كليهما بمعاداة السامية. عدد هائل من المواطنين الأمريكيين انتقدوا مثل هذه الاتهامات الصارخة، وكانوا ممن ناصروا فكرة مهاجمة إسرائيل كونها فقط هيئة سياسية لا تمثل اليهودية بأكملها
لنفهم المشكلة يجب أولاً معرفة ما هي السامية ومن أين أتت إسرائيل بمصطلح معاداة السامية التي باتت تتخذها شماعة لكل جرائمها البشعة بحق عرب ومسلمي فلسطين. كلمة السامية ترمز إلى اللغات التي تحدثت بها الشعوب التي انحدرت من نسل سام بن نوح كالآرامية، والعربية، والعبرية. فالسامية ما هي إلا تصنيف لغوي أو ثقافي ليست له صلة بالعرق أو الديانة. لذلك، فإنه ليس من المقبول استخدام هذه المصطلح للرمز إلى كل من يتبع الملة اليهودية، وحتى لو فرضنا أن المقصد هو من يتحدثون العبرية بحكم أن الأغلبية اليهودية في إسرائيل يتحدثون العبرية، فهي محاولة بائسة لتمييع وخلط المعنى
إنه لمن الغباء اتهام العرب والشعوب العربية المنحدرة من نسل الساميين بمعاداة السامية، التي جعلتها إسرائيل حكراً على شعبها المُختار. ولو نظرنا إلى المعاجم الموثوقة كمعجم أوكسفورد على سبيل المثال لا الحصر سنجد أن معنا الساميّ هو: شخص ينتمي لمجتمع تحدث أو يتحدث بلغة سامية، بما في ذلك اليهود والعرب على وجه الخصوص، وأن السامية ترتبط بعائلة من اللغات التي تشمل العبرية والعربية والآرامية ولغات قديمة معينة مثل الفينيقية والأكادية، والتي تشكل المجموعة الفرعية الرئيسية للعائلة الأفرو-آسيوية. مع وجود إشكال في استخدام الديانة اليهودية في التعريف، إلا أن المعجم يشير إلى المصطلح برمّنه على الأساس اللغوي وربطه بعدة شعوب ولم يحكره على اليهودية فقط
سعت إسرائيل في استخدام الأسلوب نفسه ونثرت فكرة “معاداة السامية” حول العالم. الهدف من هذه الحركة الفكرية المضادة لم يكن لتجنب اتهامات الجهات الدولية الموجه ضد جرائم إسرائيل الوحشية، أكثر من كونها خطة لتحويل أصابع الاتهام نحو كل من يعارض دولة إسرائيل
من هنا نأتي مشكلة استخدام المصطلح والغرض من تروجيه لدرجة أن المتصفح سيجد تعريف معاداة السامية أمامه إذا ما قام بكتابة كلمة سامية فقط على أي محرك بحث. حيث قامت إسرائيل باستخدام المصطلح بشكل مكثف منذ أن نشأت حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها عام ٢٠٠٥
مع أن النظام الدولي يسمح للدول والشعوب المنكوبة باستخدام القوة في الدفاع عن النفس، إلا أن اتخاذ الفلسطينيين أساليب دفاعية متنوعة مثل حرق مزارع الإسرائيليين، وقتل مواطنين صهيونيين صب في مصلحة إسرائيل وأدى إلى خسارة المقاومة الفلسطينية الشعبية تعاطف العديد من الجهات الدولية
وعلى إثر ذلك قامت أكثر من ١٧٠ جهة وحركة فلسطينية آنذاك بالاتحاد جنباً إلى جنب لتكثيف جهودها السلمية والفكرية مشجعةً العديد من الهيئات، والشركات، والمشاهير لمقاطعة إسرائيل اقتصادياً، واجتماعياً، وسياسياً. ومنذ ذلك الحين نالت الحركة تعاطفاً كبيراً وكبّدت إسرائيل خسائر ضخمة وصلت إلى أكثر من ٤٠ مليار دولار في الحقبة الممتدة من ٢٠٠٦ إلى ٢٠١٦

سعت إسرائيل في استخدام الأسلوب نفسه ونثرت فكرة معاداة السامية حول العالم. الهدف من هذه الحركة الفكرية المضادة لم يكن لتجنب اتهامات الجهات الدولية الموجه ضد جرائم إسرائيل الوحشية، أكثر من كونها خطة لتحويل أصابع الاتهام نحو كل من يعارض دولة إسرائيل التي تدّعي الحاضنة لجميع أطياف الديانة اليهودية، ليصبح أي هجوم موجه ضد إسرائيل هجوم صارخ ضد الديانة اليهودية وكل من ينتمي إليها
المشكلة أن الحركة الصهيونية المضادة قد لعبت على الوتر الحساس ونشرت فكرها السام في الغرب الذي ارتكب أفظع المجازر بحق اليهود في محرقة الهولوكوست، وطردهم من القارة الأوروبية ورَفض احتوائهم في أمريكا والأراضي الكندية تحت صمت الكنيسة والشعوب المسيحية آنذاك. الأمر الذي نتج عنه الحركة الصهيونية المسيحية المتعاطفة مع الشعب اليهودي في دولة إسرائيل التي بدورها حاولت إظهار نفسها على أنها دولة مسالمة تمثل جميع الشعوب اليهودية التي عانت من الوحشية الأوروبية في القرون الماضية
لا زالت إسرائيل تستخدم أساليبها الدفاعية المُعتادة، وستُكمل تكثيف هجماتها ضد كل من يعاديها بحجة معاداة السامية ما دامت الحركات الفلسطينية السلمية المتمثلة بمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها تُلحق بها أضراراً اقتصادية، ودبلوماسية، واجتماعية